يقف الصحفي أمام زاوية من هذه المكتبة الهائلة من البيانات و في ذهنة جملة من التساؤلات.. و ينطلق في البحث عن الرّف المناسب لموضوع بحثه.. و عندما يجد ضالّته يكون قد حصل على كم لابأس به من الوثائق و الأرقام فتبدأ المرحلة الثانية من رحلته و هي إيجاد الرابط الخفي بين هذه المعطيات و الذي سيتكشّف بعد فحص البيانات و اختزالها ما سيساعده في نسج الخيوط الأساسية من قصّته الصحفية. عندها لن يتبقّى له إلّا إيجاد السبل الإبداعية المثلى لترجمة قصّته في شكل بصري جذّاب يخدم القصّة و يختزل البيانات و يجعلها سلسة في الفهم بالنسبة للمتلقّي.
على الرّغم من السهولة النسبيّة في الحصول على البيانات اليوم و تعدّد برامج التحليل و الترجمة البصريّة لها فإن مهمّة صحفي البيانات تظلّ عسيرة أو فلنقل محفوفة بعدّة مخاطر: فالبيانات لا تعدو أن تكون مصدرا أو أداة لإخبار القصّة وجب التثبّت من صحّتها .. كذلك عليه كبح جماح القصّة في هذا النمط الصحفيكي لا تطغى على الغاية الإخبارية و التوثيقية للعمل.

شوقي الأجنف

ما هي صحافة البيانات؟

لو اقتصرنا على التعريف المباشر و السطحي سنقول بان صحافة البيانات هي نمط صحفي يرتكز على البيانات.. و لكن ذلك سيحيلنا الى ربط المفردات دون تحديد الماهبة الفعلية.
لذلك و حسب رأيي يجب التركيز على الجانب العملي و التطبيقي لصحافة البيانات لاستلهام تعريف شاف يحقّق الفهم للقارئ و ينصف هذا النمط الحديث من عالم الصحافة.
فلننطلق من عبارة “البيانات” و نحاول بناء التعريف المنشود:
فالبيانات خصوصا في عالمنا اليوم و أمام هذه “الطفرة” الرقمية أصبحت موجودة في كل شيء حولنا أو تكاد.. فهي هذا الكم الهائل من المعلومات و الصور و الفيديو و الأصوات و النصوص و البحوث و التواريخ .. و التي وقع استيعابها و تخزينها أو حتى أرشفتها بشكل كلاسيكي أو رقمي. تختلف صعوبة مهمّة الوصول إليها  من شخص لآخر أو من مكان لآخر أو حتّى لطبيعتها ان كانت مشفّرة أم لا أو خاضعة للحماية من طرف هيكل أو مؤسسة ما.